الاغتصاب لغة هو افتعال من غصب، أي أخذ الشيء ظلما، وغصب فلان على شيء: هو قهره. قد يعارض الكثيرون_إن لم يكن الجميع_ هذه النزعة الجديدة التي تنادي بها جمعيات حقوق المرأة، مستندين في معارضتهم على الشرع وما يحلله وما يحرمه.
ورغم ذلك فكون الدين الإسلامي يعتمد على القرآن كمشرع أولي بل ورئيسي لا يمكن لنا تجاهل الآيات الكثيرة التي تقول بمعاشرة الزوجة بالمعروف والحسنى،ومن كون أن الإسلام صان المرأة وحقوقها من جميع النواحي والنقاط، وحاول بكل الطرق حمايتها والمحافظة عليها.
ومن هنا تنطلق شعلة الموضوع الأساسية: فهل عقد الزواج في النهاية، هو الوثيقة القانونية والشرعية التي تسلب من المرأة قدرتها على قول كلمة لا، ويسلب منها حريتها بإبداء رغباتها أو الامتناع عن رغبات أخرى إلى الأبد؟ لا بد حينها أن ننظر مرة أخرى إلى تلك الفكرة بنظرة موضوعية أكثر مع استيضاح أوفى عن جذور هذه القضية.
فلقد دخلت القضايا المتعلقة بمعاشرة الزوجة رغما عنها الكثير من قاعات المحاكم الأوربية، وأصبحت السجلات تذخر بالعقوبات المطبقة على مرتكبي هذه الحالات التي تندرج تحت عنوان (العنف الأسري).
كما أن بعض القضايا تطرح أيضا في محاكم مصر حيث قام أحد النواب في المجلس التشريعي بطرح مشروع قانون تجريمي لمغتصبي زوجاتهم.
وأمر مشابه بدا يظهر في لبنان ، حيث قامت الجمعيات التي تحمي حقوق المرأة على لفت انتباه النساء من جميع المستويات والطوائف إلى أهمية كسر حاجز الصمت، والاعتراف بالمشكلة القائمة.
ولكن نقف هنا عند سؤال كيف يتم اغتصاب الزوجة وهي حلال شرعا؟؟ وهنا يجب التفريق بين الحالات التي تتمناع فيها الزوجة عن مشاركة شريك حياتها فراشه، ثم يقوم بإقناعها بطريقة أو بأخرى حتى تستعيد رغبتها.
والحالات التي يستعمل بها العنف كالضرب والإذلال الجسدي لإخضاعها، مما يسبب لها الكثير من الرضوض والكسور والشروخ النفسية.
فكيف يمكن لأي زوجة أن تتوق إلى النوم في سرير زوجها، بعد ضربها وإذلالها طوال اليوم، ليطلب منها في نهاية النهار أن تلتزم بما يطلبه منها ، والانصياع مكرهة على طاعته.
كما أن الإكراه قد يكون بطرق أخرى أحيانا، كالتهديد بإيذاء نفسه أو إيذاء أحد الأطفال في حال رفضها طلبه.
وهنا تكمن المشاكل النفسية المتأصلة في الزوج كسبب دفين يدفعه لارتكاب ذلك.
أما شرعا فإن اغتصاب الزوجة قد يندرج تحت حالات مغايرة، كالممارسات الجنسية الشاذة والمحرمة دينيا، أو المعاشرة خلال فترة الحيض، أو خلال فترة صيام شهر رمضان وعندها فقط يعترف الشارع بالاغتصاب.
فالكثيرات من النساء يسكتن عن هذه المعضلات تحت قناع من الخوف أحيانا.
ولكن قد يتم السكوت من أخريات، بسبب الجهل أصلا، فقد برمجت أن ما يطلبه منها الزوج يجب أن تنفذه ، متمسكة بأحاديث كثيرة عن النبي الشريف الذي يطرح فيها وجوب انصياع الزوجة لزوجها، ولكن يبدو أن هذا الجمع من النساء ينسى في الدرجة الأولى،أن النبي كانت اهتماته بالمحافظة على الأسرة والأخلاق، وصون النفس بالحلال، بل كان يقوم الرسول بمداعبة زوجاته وملاعبتهن بورود ذلك في أحاديث كثيرة.
فالزوجة في النهاية هي السكن لزوجها ، وخصوصا إن تأججت رغباته لإمرأة أخرى، ولا أشك عندها أن أي امرأة سترضى أن يعاشر زوجها غيرها ، بل ستكون عندها السباقة لإشباع رغبته، أو على الأقل في حال مرضها أو تعبها الشديدن جعله يعزف عن رغبته.
لقد أحل القانون والشرع للكثيرات طريق خروج واحد مقنع ألا وهو الطلاق، ولكن متى سيندرج حكم اغتصاب الزوجة كأحد المسببات الرئيسية والمباشرة لطلب الخلع من الرجل خصوصا عندما لا يرغب الرجل بالطلاق، إذلالا لزوجته.
ففي مصر مثلا تتطالب الجمعيات بعقوبة لا تزيد عن سنة أو بما مقادره 1000 جنيه لمن يغتصب زوجته، ولكني هنا لا أظن أن هناك زوج سيرغب بإكمال مسيرة حياته مع شخص تسبب بسجنه، ولذلك فإن مجرد كونه اساسا لطلب الطلاق، هو ما يكفينا فعله حاليا للمحافظة ولو بشكل قليل على حقوق المرأة.
ورغم أننا ما زلنا بعيدين جدا عن تحقيق اهداف حماية المرأة وذلك بسبب الخوف والجهل الذي يكمن عند النساء حتى من مجرد التبليغ عند وقوع حالات العنف، فمتى يا ترى سنجد أن هذه الحالة معترف عليها في قانون الأحوال الشخصية؟؟
المصدر: سيريا نيوز
بقلم: نور الهدى السوري